السبت، 17 مارس 2012

فما هو الفن التشكيلي:

فما هو الفن التشكيلي:

هو كل شيء يؤخذ من طبيعة الواقع . ويصاغ بصياغة جديدة . أي يشكل تشكيلاً جديداً، وهذا ما نطلق عليه كلمة (التشكيل) . والتشكيلي: هو الفنان الباحث الذي يقوم بصياغة الأشكال .آخذاً مفرداته من محيطه. ولكل إنسان رؤياه ونهجه ، لذا تعددت المعالجات بهذه المواضيع ، مما أضطر الباحثون في مجالات العطاء الفني أن يضعوا هذه النتاجات تحت إطار ( المدارس الفنية).



ولنبدأ بالمدرسة الواقعية:

وهي المدرسة التي تنقل كل ما في الواقع والطبيعة إلى عمل فني طبق الأصل، فهي مجمل رصد لحالات تسجيلية كما أقتضاه الواقع من حيث الظروف السياسية والاقتصادية والدينية في ذلك العصر. كما ترصد عين الكاميرا الفوتوغرافية اليوم واقع معين ما يخص المجتمع.
وقد تدخلت عواطف وأحاسيس الفنان في رصد هذه الأعمال فكان هناك الواقعية الرمزية والواقعية التعبيرية.
إن دور الأهم الذي يميز تلك المرحلة ، توثيقها لمجمل الشخصيات التي كان لها وزنهاالاجتماعي والسياسي والديني في تلك الفترة.
لذا نلاحظ – ومنها تندرج كثير من أعمال الكلاسيكين التي تهتم بالطبيعة والبورتريه ورسم المزهريات والطبيعة الصامتة .

المدرسة الأنطباعية:

في هذه المدرسة أي (الأنطباعية) حمل الفنان مرسمه وخرج للطبيعة وتخلى عن المراسم والغرف المغلقة .
كان هناك ما يسمى بالرصد لتلك الحالة المتجلية في الهواء الطلق . ليضفي الفنان على عنصر المشهد الماثل أمامه حالة حسية انطباعية .لها علاقة مباشرة مع إحساسه بالمشهد . بطريقة حسية سميت بالانطباعية . وقد تميز أعمال الانطباعيين ومنهم الفرنسيين خاصة . بتركيز الفنان على عنصري الظل والنور . وهنا برز أعلام لتلك المدرسة أمثال الفنانيين: ادوار مانيه – سيزان – ادغار ديغا – رينوار – كلود مونيه.

ما بعد الانطباعية: أو ( الانطباعية الجديدة)

وهي حصيلة المدرسة الانطباعية وما قبلها ، لكن بأسلوب جديد وفن حديث ، وهنا كان لا بد أن ينعكس الإحساس بعدم الرضى الذي ساور الرسامين الانطباعيين كافة في الثمانينات القرن التاسع عشر على الفنانين الذين جاؤوا من بعدهم أمثال( فان كوغ وبول غوغان ).
وهذه المدرسة تمثل المرحلة الاخيرة من الانطباعية. كونه لم يعد في نظر الفنانين ما بعد الانطباعية – تلائم روح العصر- وتولد القناعة لديهم إن شيئاً جوهرياً –أكثر أصالة وعمقاً – ينبغي أن يحل مكانه . فمثلاً: فان كوغ وهو فنان هولندي عاش ما بين عام 1853-1890 تميز:
- عنده التكوين ببساطة ذاتها. - مع النزوع الى التناسق.
- الالوان عالية النغمة . - كما أدرك الشمس والظل فرسمهما.
- لضربات فرشاته شدة متوترة. - أيضاً كان يرسم وهو في الطبيعة ذاتها.
وكان يرسم الموضوعات اللاشخصانية والمجهول للانطباعية. ولم يسبق لرسام أن ترك آثار فرشاته على سطح القماش في ذلك الوقت. وتوالت لوحات فان كوغ واحداً تلو الاخرى منها: البساتين – اكوام القش – الحصاد - البيت الاصفر – في المقهى – غرفة النوم – باحة السجن....الخ.

المدرسة الرمزية :

وهي ترميز الاشياء من خلال اللون، وترميز الوضعية للحالة أيضاً .
كما عمل الفنان روزيتي :
فالفنان روزيتي جرب الرمزية من خلال لوحة (بياتريس المقدسة) . وهي لوحة تذكارية رسمها لوفاة زوجته .وكان هدفه الاحتواء الرمزي لوفاة بياتريس في اللوحة.ترينا لحظة صعود بياتريس الى السماء . وكأنها في غيبوبة وكان كل لون استعمله روزيتي معناه الواضح في الترميز .
أهم الفنانين الرمزية : جيمس وسلر – دانتي روزيتي – شافان – غوستاف مورو .

المدرسة التعبيرية :

نشأت التعبيرية في المانيا 1910.
وفكرة التعبيرية في الاساس هي أن الفن ينبغي أن لا يتقيد بتسجيل الانطباعات المرئية بل عليه أن يعبر عن التجارب العاطفية والقيم الروحية . وهناك فنان ألماني أشتهر بالتعبيرية في بدايته هو الفنان هنري ماتيس1869-1954 فقد أعلن ماتيس بقوله : التعبير هو ما أهدفه قبل كل شئ . فأنا لايمكنني الفصل بين الاحساس الذي أكنه للحياة وبين طريقي في التعبير عنه .
أهم الفنانين :هنري ماتيس – هنري روسو – أميل نولده – بيكاسو.

المدرسة الدادائية:

ولدت الدادائية في عام 1916.
ومبتكر الدادائية هو الشاعر الروماني (تريستان تازارا). حيث قال :
أن الدادائية لا تعني شيئأ .
وانتشرت الدادائية بين عامي 1918 – 1920 من ألمانيا .والدادائية تمثل بالفن حالة رفض لفترة البلشفية الالمانية - لذلك لم تدوم طويلاُ – كان هناك فنان أسمه شفيترز لجأ الى الارصفة والى صناديق القمامة ولجأ الى كل ما يخدم غرضه لعمل قطعة فنية من سائر المهملات القديمة في عمل (الكولاج) . عامل شفيترز هذه البقايا بحنان منتقياً إياه لخواصها المظهرية- شكلاً ولوناً ونسيجاً ...لكن دون أن يخفي هويتها الاصلية مطلقاً .
وكان أكثر الفنانين شأناً وصلة هم الفنانين ( زيوريخ هانز – وجان أرب ).

المدرسة السوريالية :

انبثقت السوريالية بفضل اطلاع الشاعر آندريه بريتون على أفكار الفيلسوف فرويد بين العقل والخيال وبين الوعي واللاوعي.
استحدثت السوريالية بسطوة الاحلام. وبتلاعب الفكر الحر.
ورسم السوريالية هي نصف استعادة للذاكرة ونصف حلم مع حرية تامة في الصورة التلقائية . من أهم السورياليين : خوان ميرو- آرب- آيرنست.



المدرسة التجريدية :

وهو تجريد كل ما هو محيط بنا عن واقعه، وإعادة صياغته برؤية فنية جديدة فيها تتجلى حس الفنان باللون والحركة والخيال.
وكل الفنانين الذين عالجوا الانطباعية والتعبيرية والرمزية نراهم غالباً ما ينهوا بأعمال فنية تجريدية ، وحالة المدرسة التجريدية متقدمة بالفن في وقتنا الحالي
مقولة لـ بول غوغان:
الفن تجريد استخلصه من الطبيعة بالتأمل أمامها وامعن التفكير جيداً بالخلق الناجم عن ذلك.
أهم الفنانين : خوان ميرو- كاندنسكي- بيت موندريان
للرسم حياة مجازية وافتراضية. في العمارة (التخطيط المديني أيضا) كما في الحرب (تقطيع أوصال الحقيقة) هناك خرائط، يبدو كل شيء من غيرها مجرد نزوة عابرة لا تقود إلا إلى فشل مؤكد. ما لا تصفه تلك الخرائط هو بالضبط ما يسعى الرسم إلى التحقق من وجوده. ربما يقودنا ذلك المسعى إلى القبض على لغة تقع تحت اللغة. لغة نستخرجها من خلال البصر الثاقب بعد عناء التنقيب في منجم عميق.


لنتذكر أن الادريسي تخيل خارطة للأرض ونفذها على الورق. الأمر أشبه بعمل الكهنة والعرافات في المعابد التي كانت ترعى الأشكال المقترحة للآلهة القديمة. في كل مكان من عالم اليوم تبدو النزعة واضحة لدى الفنانين للتحرر من الرسم كما عرفته كل العصور السابقة، باعتباره محاولة لوصف العالم (الطبيعة وليس البيئة)، نزعة تكشف عن رغبة عميقة في التماهي مع تقنيات الواقع اليومي وصولا إلى جوهر واقعة ما، هي موضع تفكير أولئك الفنانين الذهني والبصري في الوقت نفسه.


أتذكر أن صديقا كان قادما من بولندا للتدريس في بغداد هو الرسام المغربي عز الدين دويب قال لي ذات يوم من نهاية سبعينات القرن الماضي: 'تسعون بالمئة من فعل الرسم هو تفكير' يومها لم استوعب تلك الفكرة المربكة. اليوم أتذكرها مثل نبوءة. يومها كنا مقيدين بفكرة أن الرسام يتخيل العالم عن طريق عينه. وهي فكرة بائدة أوقعت معظم الرسم العربي في الهاوية التي تعيق الآن حركته وتتحكم بمصيره. كان هربرت ريد (المؤرخ وناقد الفن البريطاني) قد ارتجل حيرة صادقة أمام وقائع فنية كانت تجري من حوله في الستينات الأوروبية والأمريكية. لم يفهم الرجل كيف يمكن أن يكون الجمال ممكنا خارج الرسم والنحت. الآن صارت حيرة ريد نوعا من البلاهة، ذلك لأن مفهوم الجمال نفسه قد تعرض للانقراض.


فالفنانون لم يعد همهم أن يصنعوا جمالا. هناك عالم آخر، عالم لا يشعر الفنانون أنه في حاجة إلى مزيد من الخفة الغنائية، عالم هو في حاجة إلى شيء آخر غير الجمال الذي يزين ويخدع ويحتال ويقود إلى أفكار مضللة عن شيء لا وجود له.


2حين اخترع البارود هزمت فكرة قديمة عن الحرب. انتصر خيال المادة على مهارة الجسد. انكمشت امبراطوريات لأنها لم تستوعب المفاجأة الخارقة. ظلت حيويتها تعمل وفق الية متعثرة تفتقر إلى أية قيمة مدركة. كانت المعجزة أكبر من القدرة على الاستيعاب والفهم. ما حدث للرسم العربي (للثقافة العربية بشكل عام) شبيه بذلك تماما. لا يزال مفهوم الرسم العربي هو المفهوم عينه الذي جلبه رواد الحركة الفنية في الوطن العربي. لم يتعرض ذلك المفهوم للإزاحة بالرغم من أن الموضوعات والأشكال والتقنيات والمواد كانت تتبدل بين مرحلة وأخرى. ظل الرسامون العرب يستهلكون مفهوما نشأ في الغرب قبل قرون واستهلكته الحركات الفنية هناك حتى صار خاويا من كل ما يجعله معبرا عن حقيقة العيش عند حدود اللامرئي. صار ذلك المفهوم أشبه بمنجم فرغ من الذهب.


يمكننا تخيل المشهد البائس لبشر اعتادوا على الإقامة هناك. غادر المغامرون بآخر الغبار اللامع فيما ظل بريق ذلك الغبار يتردد في العيون المطفأة. بطريقة أو بأخرى فان الرسام العربي حول كل ما تعلمه من أسرار الرسم الغربي إلى عناصر في حرفة جديدة، عناصر صارت تتكرر وهي تلتهم في طريقها الكثير من المواهب الكبيرة بلا رحمة. أمر مؤسف فعلا. كانت الخسارة قاسية لمن يعرف حجم الجهد الذي بذله الرسام العربي في العقود الماضية. حتى ستينات القرن الماضي كان اللهاث مقبولا، ذلك لانه كان يعبر عن رغبة في اللحاق بما أنجزه الرسم في الغرب.


محاولة كان في إمكانها أن تضعنا على الطريق لولا أن الطريق نفسها قد انحرفت عن مسارها فبقي الرسام العربي واقفا أمام الجدار لا يعرف ماذا يفعل. وكما أرى فان العيب كله يكمن في نوع الحيوية التي استقبلنا من خلالها انجازات الآخر. وهي حيوية تستند إلى المحاكاة أكثر مما تذهب إلى الإلهام. لذلك يرسم العرب الآن بالطريقة عينها التي كان الرسام الغربي يرسم بها قبل عقود، بل لنقل قبل قرون. لقد هزمنا المفهوم الذي صار صعبا علينا التعرف عليه، لا لشيء إلا لأنه جزء من حيوية ثقافة لم نتعرف على حقائقها الجوهرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق